بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بين مؤيد ومعارض انقسمت الآراء حيال حقيقة كتاب بروتوكولات حكماء صهيون فهناك من يرى أنه حقيقة وكتبه حاخامات يهود وهناك من يرى أنه ملفق وليس له أساس من الصحة، وعلى رغم هذا الانقسام فلم يستطع أحد أن يقدم دليلاً على تأكيد أو نفي حقيقة الكتاب ليظل الجدل ممتداً على خلفية ما أثاره مسلسل «فارس بلا جواد» وحول ملابسات وضع الكتاب والخلفية التاريخية له ومدى اتفاق ماجاء فيه بأرض الواقع وما حدث وما يحدث حالياً قامت مجلة الجزيرة باستطلاع آراء خبراء أكاديميين وأساتذة متخصصين في الدراسات العبرية.
أين الدليل؟
الدكتور إبراهيم البحراوي أستاذ اللغة العبرية بجامعة عين شمس يقول إنه ليس هناك دليل واحد يثبت أن البروتوكولات كتبها يهود أو حاخامات وهي بالفعل خيال مفتعل ينسب إلى روسيا القيصرية في مطلع القرن العشرين بين عامى 1902م، 1905م وكانت سلطات الأمن في زمن القيصر نيقولاي الثاني تضطهد اليهود وهي التي وزعت الكتاب وأشرفت على نشرة على نطاق واسع ضمن رؤيتها القيصرية لليهود آنذاك. غير أن هذا الكتاب الخيالي الذي يعجز العلماء عن تحديد مؤلفه تطابق في كثير من أفكاره مع حقائق جسدتها الصهيونية على أرض فلسطين من أواسط القرن التاسع عشر وإلى اليوم باعتماد سياسة العنف والتطرف والهيمنة على الأرض وبناء المستوطنات والأهم أنها تحتكر معاملات دولة عظمى كما ورد في الكتاب وهكذا نجد ما يحدث على أرض الواقع لم يبتعد كثيراً عما ورد في كتاب بروتوكولات حكماء صهيون. ويضيف أن هناك قلة تؤكد نسبة الكتاب لليهود وهناك من ينكر نسبته لحاخامات يهود وعن نفسي ليس لدي أدلة تثبت نسبة البروتوكولات لليهود وأرى أن الاستناد إليها لفضح الحركة الصهيونية استناد خاطئ والمستفيد من هذا الجدل هي إسرائيل فهي تستغله لتثير موجة من العداء ضد الإسلام والمسلمين مستثمرة الظروف الراهنة التي يمر بها العالم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتستقطب إليها الرأي العام الأوروبي وهو له موقف مضاد للبروتوكولات ويعتبرها عنصرية، وبالتالي فإن الجدل الدائر حول المسلسل يجيء في صالح إسرائيل ويضر بالعرب والقضية الفلسطينية، فالكتاب لم يثبت نسبه لا إلى اليهود ولا إلى الصهيونية والأغلب أنه من وضع البوليس السري لقيصر روسيا في أوائل القرن العشرين لشأن داخلي يخص موقف القيصر وحكومته من يهود روسيا.
كتاب يهودي
عكس ذلك يرى د. السيد السروي أستاذ الدراسات العبرية أن بروتوكولات حكماء صهيون كتاب يهودي ويشرح فكرة الصهيونية وكيفية السيطرة على العالم من خلال الاقتصاد والإعلام والإرهاب والعنف وسياسة التوسع واحتلال الأراضي ويقدم أدلته على أن سياسة إسرائيل حتى من قبل قيامها عام 1948م، وإلى الآن تتطابق سلوكياتها مع ما جاء في هذا الكتاب وتسير إسرائيل والحركة الصهيونية في هذا الاتجاه وتطبيق كافة ما ورد في البروتوكولات.
كما أن هناك العديد من الكلمات والعبارات التي يتضمنها الكتاب وردت على لسان قادة إسرائيل أمثال ناحوم جولد مان وشيمون شامير والأخير يرفض إعادة ولو شبر واحد من الأراضي المحتلة ويسميها الأراضي المحررة. والدليل الآخر أن الهيمنة الاقتصادية والإعلامية التي تطبقها إسرائيل والحركة الصهيونية متوافقة مع ما جاء في الكتاب.
وإذا قرأنا كتاب الدولة اليهودية الذي ألفه تيودور هرتزل رائد المشروع الصهيوني منذ بداياته لوجدنا هذه الأساليب حيث يتحدث عن التوسع وعن تجنيد الغرب للسيطرة على فلسطين وإقامة إسرائيل بوصفها حسب زعمه بؤرة التحضر في محيط التخلف العربي.
أما عن إلصاق البروتوكولات بروسيا القيصرية فقد جاءت لأن اليهود تعرضوا للاضطهاد بشدة في روسيا القيصرية وهم كانوا السبب في ذلك فقد سعوا للهيمنة على المجتمع الروسي اقتصادياً وبإثارة الفتن السياسية حتى ان بعضهم فكر في إقامة وطن يهودي على قطعة من أرض روسيا من هنا رد القيصر الروسي نيقولاي الثاني بعنف بالغ عليهم وأعمل فيهم الذبح وقد سميت هذه المذابح بعواصف الجنوب لأن اليهود كانوا متركزين في جنوب روسيا.
والصهيونية تغسل يديها الآن من البروتوكولات كعادتها في التهرب ومواجهة الحقائق التي تكشف أقنعتها.
قيادة العالم
د. آمال ربيع أستاذ الأدب العبري بجامعة القاهرة، وصاحبة أول دكتوراه في تفسير الطبري للإسرائيليات تقول: «هناك حقيقة واضحة أمامنا، وهي أن الشخصية اليهودية لها سمات مرتبطشة بما جاء في العهد القديم «التلمود»، فاليهودي ربيب كتابه القديم، ولديه بعد نظر رهيب حيث يخطط للمستقبل القادم بصورة تجعله مسيطراً على العالم ككل! وتضيف أن اليهودي يصف كل من هو غير يهودي باسم الأغيار، وفقاً للشريعة اليهودية، وأن الله سبحانه وتعالى خلقنا لنكون خدماً للسادة اليهود الذين يمثلون أعلى مرتبة يمكن أن نصل إليها، وأنهم شعب الله المختار لذلك لا بد أن يحكموا العالم من شرقه إلى غربه حيث منحهم الله العبقرية ليكونوا قادرين على ذلك!!»
وحول ما يسمى ببروتوكولات حكماء صهيون تقول: «وضع اليهود خطة للسيطرة على العالم يقودها حكماؤهم، وما جاء «بالبروتوكولات» تصور بأن يساس العالم كله، ويتم التعامل مع الحكام غير اليهود على أنهم مجرد وسيلة للوصول إلى تحقيق الرغبات لهم فقط وهذا ما نراه الآن من سيطرة اليهود على الاقتصاد العالمي بل على كل شيء من وسائل إعلام بكل صورها «صحافة تلفزيون» مسارح حتى دور السينما وغيرها!!
وتضيف: لا أدري لماذا أثير كل هذا الجدل حول مسلسل «فارس بلا جواد»؟! لكن الإجابة الكامنة بداخلهم هي أن يُظهروا للعالم بأن مصر لا تسعى للسلام! وما تعرض له العمل لمجرد ذكر «بروتوكولات حكماء صهيون» ما هو إلا جزء من كل ما تقوم به وتفعله الحكومة الإسرائيلية من مذابح ضد الفلسطينيين ويشاهدها العالم دون تحرك!
فيجب أن نوجه اهتمامنا لخدمة القضية الفلسطينية لأنها قضيتنا جميعا كعرب بشكل أكبر من مجرد عمل درامي» !!
إثارة وغموض
أما د. محمد إدريس أستاذ الدراسات الشرقية والعبرية فيقول: «إذا تطرقنا في البداية لما سمي ب«بروتوكولات حكماء صهيون»، فإن هذا الاسم الذي يحمل الكثير من الإثارة والغموض، تم إطلاقه على مجموعة من محاضر الخطب التي كانت تلقى في مكتب مركز قيادة جمعية صهيون في فرنسا حيث تمكنت سيدة فرنسية كانت تعمل لدى أحد اليهود في فرنسا من سرقة هذه الوثائق وباعتها إلى شخص يدعى«أليكس نيقولا» وهو أحد كبار الأعيان الروس، الذي قام بدوره بتقديم هذه المحاضر إلى صديقه «سيرجى نيلوس» الباحث والمحقق الروسي عام 1901م، فقام بنشرها تحت هذا المسمى».
ويذكر د. إدريس أنه منذ نشر هذه الوثائق وحتى الآن لم يستطع أحد التثبت من صحتها فاليهود ينفون هذه البروتوكولات ويطعنون بتزويرها. لكن ما نراه من أحداث الأيام وسيطرة اليهود على الاقتصاد العالمي، وحدوث الحرب العالمية الأولى، والثانية وحتى قيام دولة إسرائيل، والقادة الذين يتآمرون على شعوب العالم الثالث كل هذا يؤكد أن هذه البروتوكولات قد تحققت بالفعل وأن ما بقي إلا القليل ويعلن قيام الدولة اليهودية، والحكم اليهودي للعالم!!
وأغلب الظن أن هذه البروتوكولات كانت الدستور الذي وضعه حكماء اليهود ليقوموا من خلاله بتجميع شتاتهم من العالم وهو ما حدث في فلسطين، وتكوين حكومة سرية عالمية تحكم من وراء ستار وهو ما يفسر انحياز دول العالم إلى إسرائيل على حساب الحق الفلسطيني. ويؤكد د. إدريس أن رجلاً مثل «هنري فورد» اليهودي عندما سئل عن صحة هذه البروتوكولات تهرب من الإجابة وقال الكلام الوحيد الذي أعلق به على هذه البروتوكولات هو أنها تنبأت تماماً بما يجري اليوم، وقد تطابقت مع جميع المتغيرات والأوضاع العالمية التي حدثت اليوم.